ناداه حنين الذكريات، التي لم تغب عن وجدانه مند ۲۲ عاماً، تحضر الشاب هشام الدباغ من منطقة مكة المكرمة إلى مدينة الرياض لزيارة معرض تاريخ الملك فهد «رحمه الله»، في لمسة وفاء منه للملك فهد، الذي داعبه بمشاعر أبوية منذ أن كان «هشام، طفلاً ، وعامله الفهد، وكأنه رجلاً بالغاً دون أن يستهين بعقليته الصغيرة أنذاك، حيث حظي خلال طفولته بأن يكون في مقدمة أطفال المدينة المنورة لاستقبال الملك فهد «رحمه الله»، في أول زيارة له للمدينة المنورة بعد توليه مقاليد الحكم بأشهر وذلك عام ١٤٠٣هـ .

يقول هشام الدباغ: على الرغم من وجود حفل استقبال رسمي وبروتوكلات ملكية إلا أن « الفهد» وقف أمامي وأمام شقيقتي وداعبنا وتحدث إلينا بمشاعر والد وليس ملك. ولم يكن ذاك هو اللقاء الأول الذي دار بيني وبين الملك فهد بل توالت بعده لقاءات مستمرة جمعت طفل بقائد هابته دول العالم.

ويعود هشام الدباغ بذاكرته لليوم الذي تلقى فيه والده اتصالاً من المراسم الملكية الخاصة بالملك فهد يطلبون فيها الطفل هشام لاستقبال الملك في «مهد الذهب» خلال زيارته لها لافتتاح منجم الذهب هناك، حيث يبعد عن المدينة قرابة ۲۰۰ کیلو متر، وفعلاً توجه هناك طفل لم يتجاوز الثمانية أعوام لاستقبال «الفهد» ، الذي ابتهج ما أن رآه وقال: «أنت الطفل الذي استقبلتني في المطار حين زيارتي المرة السابقة.

ومن المواقف التي لا زالت راسخة في ذهن هشام الدباغ كما يرويها: «بعد وضع الملك فهد حجر الأساس لتوسعة الحرم النبوي عام ١٤٠٥هـ، حيث قرر حينها أهالي المدينة تقديم هدية للملك تعبيراً عن امتنانهم بهذه المناسبة فرشحت أن أقدم أنا له هذه الهدية بعد صلاة الجمعة، وفعلاً تقدمت الحضور لاستقبال الملك فور خروجه من باب السلام في الحرم النبوي، وقدمت له تلك الهدية البسيطة التي قابلها، «رحمه الله» ، بحب وتقدير وشكر، فاقترب مني، «رحمه الله» ، مرحباً بي وسألني: ماذا تريد أن تصبح حين تكبر؟ فقالت بعفوية طفل: أريد أن أصبح سفير خادم الحرمين الشريفين، فضحك «رحمه الله» وهو يردد: إن شاء الله إن شاء الله».

وأكمل هشام الدباغ بعاطفة جياشة: «الملك فهد لم يكن قائد فحسب، بل هو أب روحي لي وملهم لحياتي وله بصماته على الساحة العربية والدولية، فجمعتني أكثر من تسعة مواقف مع الفهد جعلته محط اهتمامي وقدوة لي، فهو أثر في شخصيتي كثيراً ورسم معالم خطتي المستقبلية بفكره وجسارته».

وحول اهتمام الملك فهد «رحمه الله» بالمشاريع التنموية في المدينة قال: «الملك فهد كان يخص المدينة المنورة بزيارات دورية في السنة وفي كل زيارة يقضي ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع، فهو المهندس الأول لمشاريع التنمية في المدينة، وعلى رأسها التوسعة التاريخية للمسجد النبوي وتأسيس مجمع طباعة المصحف الشريف، كما أننا نحن شهداء الله في أرضه ونشهد الله بمحبة الملك فهد لطيبة الطيبة، فهو كان يحسن لجيران الرسول صلى الله عليه وسلم، ويلتفت لأدق تفاصيل التنموية من تعليم وصحة وصناعة، كما أن التوسعة في حد ذاتها كانت المنطلق لمشاريع التنمية الكبرى في المدينة لأنه لا يمكن أن تقام توسعة تاريخية تستوعب ملايين الحجاج دون الالتفات لشبكة الطرق والخدمات الأخرى».