فيما يدخل معرض وفعاليات تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز المقام حالياً في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، يومه العاشر؛ أعلنت اللجنة التنظيمية للمعرض أن أجرت استفتاء على ما يزيد عن “5000” زائر من شتى الأعمار، لقياس مدى الرضا والقبول عن المحتوى العام للمعرض والأعمال التنظيمية.
وخلال الأيام الماضية التي تلت الافتتاح الذي رعاه صاحب السمو الملكي “الأمير خالد الفيصل” أمير منطقة مكة المكرمة؛ تدفق الزوار من جميع الأعمار؛ منهم معاصرون لعهد الملك فهد بن عبدالعزيز، وفئة الشباب، وأخيراً الأطفال، وكل فئة منها وجدت ما تبحث عنه من الدوافع. وتم تغطيتهم في الاستفتاء.
كبار السن، ومعظمهم من المعاصرين للملك فهد “رحمه الله” ممن أجابوا عن الاستفتاء، وجدوا المعرض وقفة مهمة لاسترجاع ذكريات عهد (الفهد)، الذي يشكل مرحلة تاريخية هامة في العهد السعودي الحديث أو الدولة السعودية الثالثة.
وهنا استوقف العم “أحمد سعيد” ممن أجابوا عن الاستفتاء جزءاً من ذكرياته، وهو يجوب المعرض مستحضراً ذكريات العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ومهتماً بأدق تفاصيل المعرض؛ إذ وقف مشاهداً ومنصتاً رغم صعوباته السمعية للعروض المرئية والصور الفوتوغرافية ومقتنيات الملك الشخصية، بين دموع الذكريات وأصدق الدعوات بصوت مسموع للملك فهد وإخوته أبناء الملك الموحد عبدالعزيز يرحمه الله.
ويقول المواطن “أحمد سعيد” (عسكري متقاعد) ممن أجابوا عن الاستفتاء : كنت أحد جنود الوطن في قطاع حرس الحدود، وأديت الخدمة العسكرية كاملة في عهد الملوك الثلاثة: فيصل، وخالد، وفهد- رحمهم الله جميعاً- وأنا على أتم الاستعداد لخدمته مجدداً بأي وقت، فيما ذكر أنه عاصر معظم ملوك المملكة السابقين الذين يدين لهم بالولاء والمحبة ويذكرهم بكل خير.
ومضى يقول: “حضرت للمعرض مبكراً فور سماعي بإقامته، وما دفعني للحضور اليوم هو استذكار الملك فهد وعهده الذي حمل كل خير لهذه البلاد ومواطنيها، ودرأ عنها كثيراً من المخاطر بعد فضل الله عز وجل”.
ولفت إلى أن اكثر ما شدَّ انتباهه في المعرض هو قسم “الحرب والسلام”، الذي يختص بذكريات حرب الخليج الأولى وتحرير دولة الكويت الشقيقة، ولاسيما أنه كان ضمن المشاركين للذود عن حياض هذا الوطن الغالي وخدمة مليكه وشعبه جنباً إلى جنب مع زملائه بكتائب حرس الحدود والقطاعات الأخرى المساندة، وسط متابعة الملك فهد لكل صغيرة وكبيرة لمجريات الأمور سياسياً وميدانياً.
فيما يقول “أحمد صالح باعشن” (موظف متقاعد) ممن أجابوا عن الاستفتاء: “يأتي اليوم معرض “الفهد.. روح القيادة” ليذكرنا بمدى الحب الذي زرع في نفوس أبناء الوطن بكافة شرائحه، وخاصة ممن عايشوا عهده الذي تحققت خلاله المنجزات المتميزة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية التي توجت بتطور كبير في المجتمع انعكس على الارتقاء بمستوى المعيشة ونوعية الحياة، في ظل استتباب الأمن وتكريس الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.
وأشار إلى أنه إلى جانب رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز لخطط التنمية الشاملة وإنشاء البنية الصناعية في المملكة والإنجازات الحضارية؛ فقد حدث في عهده أضخم توسعة تاريخية للحرمين الشريفين؛ حيث كان يحمل- رحمه الله- مسؤولية رعاية شؤون المسلمين في قلبه ووجدانه، وهو النهج الذي تسير عليه قيادة هذه البلاد منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه- كما وصلت المملكة نتيجة لسياسة “الفهد” لمركز مرموق في الساحة العربية والإسلامية والدولية، واتسمت السياسة الخارجية السعودية في عهده بالفاعلية والواقعية وإيجاد الحلول المناسبة لأهم القضايا العربية والإسلامية.
من جانبه، يوضح “صالح مؤمنة” (موظف متقاعد) ممن أجابوا عن الاستفتاء أن الملك فهد- رحمه الله- اعتمد على الأساس الإسلامي في منهجه في الحكم، وتوضح أواصر العلاقة بين الحاكم والمحكوم التي تقوم على الأخوة والتناصح والتعاون، وتجلى اهتمامه بالإنسان، وآراؤه السياسية، ومواقفه تجاه القضايا العربية والإسلامية والعالمية، وقد عاش العالم في عهده أحداثاً سياسية واقتصادية واجتماعية؛ حيث كان له فيها دوره الرائد والبارز بالحكمة والدبلوماسية والمشاركات السياسية؛ لما اكتسبه من خبرة وتوفيق في اتخاذ القرار السديد والحكيم في الشؤون الداخلية والخارجية.
وبين “مؤمنة” أن الملك فهد- رحمه الله- لم يغفل جانب استقبال المواطنين؛ حيث يخصص لهم جزءاً من وقته ليستمع إلى مطالبهم واحتياجاتهم، كما كان يحرص على مشاركة شعبه في المناسبات والاحتفالات العامة ورعاية وافتتاح المشاريع التنموية التي تعود على الوطن والمواطن بالنفع والفائدة والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتنمية الموارد البشرية وتعزيز دور القطاع الخاص وتحقيق التنمية المتوازنة واستكمال تنمية التجهيزات الأساسية.
وأردف: أما فئة الشباب وهي الأكثر حضوراً وشكلت نسبة كبيرة من الزوار، فقد كانت على موعد مع برنامج الورش التدريبية المتخصصة في “السمات القيادية” المستمدة من سيرة الملك فهد بن عبدالعزيز “يرحمه الله”، بالشراكة مع جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
وأوضح “عبدالعزيز العثمان” رئيس فريق التنظيم وإدارة الفعاليات؛ أن المعرض يقدم 37 ورشة تدريبية عن السمات القيادية موجهة للشبان والفتيات، إلى جانب 11 ورشة تدريبية عن التنشئة القيادية للأطفال، موجهة للأمهات والمربيات وكل من له علاقة بتربية الأطفال.
وكشف “العثمان” أن عدد المسجلين من الشبان والفتيات في الورش التدريبية الخاصة بالسمات القيادية؛ وصل حتى الآن إلى “1665″ متدرباً ومتدربة، فيما وصل عدد الأمهات والمربيات المسجلات في ورش التنشئة القيادية للأطفال إلى “495” متدربة؛ ما يعكس مدى الحرص والاهتمام الكبيرين لدى شريحة كبيرة لدى أفراد المجتمع حيال استكشافات سمات القيادة لديهم، وحرصهم على تنميتها وتطويرها.
وأشار “العثمان” إلى أن المعرض يستفيد في محطته الثانية بمنطقة مكة المكرمة من تجربته الناجحة في محطته الأولى في الرياض؛ حيث التحق بالورش التدريبية نحو ألفين متدرب ومتدربة، مبيناً أن الشباب، وخصوصاً الطلاب والطالبات، كان لهم الدور البارز في تنظيم المعرض.
وعن مضمون الورشة التدريبية “السمات القيادية” الموجهة للشباب والفتيات؛ بيّن “أحمد الطريسي” مشرف الورش التدريبية أن هذه الورشة تهدف إلى تزويد المتدربين بلمحة عامة حول أهم المهارات القيادية والصفات الشخصية التي ينبغي أن تتوافر لدى القيادات الشابة والمستمدة من سيرة وتاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز “يرحمه الله”.
وأوضح أن محاور الورشة التدريبية تتضمن التعريف بالسمات القيادية مع التركيز على تسع سمات رئيسة هي: المسؤولية، الثقة، تحديد الأولويات، التخطيط الإستراتيجي، التعامل مع المتغيرات، الفاعلية والكفاءة، التحكم والتوجيه، مهارات التواصل، وأخلاقيات القائد.
وأما الأطفال من الزوار الذين تتسنى لهم الفرصة للزيارة مع آمهاتهم خصوصاً، فقد كانوا على موعد مع الورشة التدريبية الخاصة بالتنشئة القيادية للطفل، التي تهدف إلى إكساب المشاركات فيها مهارات اكتشاف السمات القيادية لدى الطفل، وأهم الأساليب التربوية الفعالة في تنشئة الأطفال تنشئةً قيادية؛ ليكونوا- مستقبلاً- مؤثرين في مجتمعاتهم، مساهمين في منظومة التنمية والتطوير”.
وأوضحت المشرفة على مختبر التنشئة القيادية للطفل، “شيخة المقبل”؛ أن المختبر استطاع من خلال قسم الفنون تقديم نماذج لاستاد الملك فهد الدولي باستخدام المواد المعاد تدويرها، إلى جانب عرض فيلم تعريفي عن حياة الملك فهد وفتح باب النقاشات الحية مع الطفل بهدف تكوين صناعة شخصية القائد لديه، وسط حرص المعرض على التقاط الصور التذكارية للطفل بعد منحه شهادة القائد، ومصحف يعلم الطفل الرسم بالخط العثماني، إضافة إلى كتيب تطبيقي يحتوي على بعض ما تعلمه الطفل أثناء زيارته للمختبر.
وسجلت أمهات الأطفال استحسانهن لما رأينه وتابعنه من فعاليات داخل المعرض كان لها بالغ الأثر في قضاء أوقات فراغ ذويهن فيما يعود عليهم بالنفع، وخاصة أن مخرجات هذا المعرض هي محاكاة عمق شخصية الملك فهد كمدرسة في القيادة والتنظيم والإدارة على مدى فترة عمله وزيراً، ثم ملكاً على البلاد، داعيات الله أن يرحم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأن يسكنه فسيح جناته.