يعد الملك فهد بن عبد العزيز «رحمه الله، أول وزير لوزارة المعارف، وهو أول منصب تولى مسؤولياته الملك فهد، عندما أصدر الملك سعود بن عبد العزيز أمره الملكي بتعيينه وزيرا للمعارف في 4/18/ 1373هـ (1953/12/24م)، قور استحداث الوزارة.
وجاء تعيين الأمير فهد «قبل توليه الحـكـم» في هذا المنصب بناء على اهتمامه بالتعليم منذ صغره ورغبته الصادقة لحمل هذه المسؤولية ولشغفه وحبه للعلم، وقد قام بجهود كبيرة ومساهمات لافتة نحو نشر العلم في جميع أرجاء البلاد. وأسهم الأمير فهد – آنذاك -في بناء النهضة التعليمية وإرساء معالمها الأساسية التي امتدت لترتقي بنواحي التعليم في أنحاء المملكة العربية السعودية واستمر وزيراً للمعارف حتى 1380/7/2هـ. وكان انتسابه للتعليم أمـراً محبباً إلى نفسه وكان يردد ذلك في مناسبات كثيرة حيث كـان يـقـول: «لقد وهبت نفسي لـلـمـعـارف والـعـلـم والـثـقـافـة وأصبحت جنديها الذي لا يدخر وسعاً من أجل نهضة البلاد علمياً وثقافياً وأدبيا وفكريا».
واقترنت مسيرة التربية والتعليم بخطواتها الواثقة والواعية في المملكة باسم الملك فهد «رحمه الله» وأصبح معروفا لدى أبناء الوطن وغيرهم بأنه رائد التربية وراعي النهضة التعليمية الحديثة، حيث كان التعليم هو القاسم المشترك في حياته العملية التي تبلغ نصف قرن من الزمان، كان خلالها رئيساً للجنة العليا لسياسة التعليم ورئيساً للمجلس الأعلى للجامعات ثم رئيسا لمجلس التعليم العالي حتى وفاته.
ومنذ توليه دفة هذه الـوزارة نجح «رحمه الله» في تحقيق إنجازات ضخمة وبصمات واضحة، وقال وقتها: «إن من فضل الله علينا وتوفيقه أن أصبح لدينا الآن جامعات وآلاف المدارس في مختلف مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مختلف أنحاء البلاد وأصبح أبناؤنا يتخرجون من الكليات العليا في مختلف التخصصات مـثـل الـشـريـعـة والـعـقـيـدة والـطـب والهندسة والاقتصاد وكل مجالات التعليم والتطور ما هو مدعاة لاعتزازنا وتقديرنا».
وكـان المـلـك فـهـد «رحـمـه الله» حريصا على تعليم الفتاة، وشهد عهده بداية انطلاقة إنشاء المدارس الخـاصـة للبنات، وفي عـام 1380هـ أنشئت الرئاسة العامة لتعليم البنات التي فتحت الباب للكثير من المدارس بمختلف مراحل التعليم في مناطق وقـرى المـمـلـكـة، كمـا أفـتـتـح في عام 1381هـ أول معهد لإعداد المعلمات في مكة المكرمة.
وتـوالـى بـعـد ذلـك فـتـح مـعـاهـد المعلمات، كما زادت العناية بتعليم المرأة حين تولى مقاليد الحكم وذلك عام 1402هـ حيث تم فتح العديد من الكليات المتوسطة والجامعية للبنات وإتاحة الفرصة لهن بالالتحاق في أكثر التخصصات والأقسام العلمية في الجامعات، وأصبح عدد كليات البنات أكثر من 100 كلية ووصل عدد الطالبات في التعليم العالي إلى أكثر من 400 ألف طالبة.
كما حرص «رحمه الله على أن يـواكـب الـتـطـويـر الكمي والتنظيمي تـطـويـر لـنـوعيـة التعليم العالي وقد تمثل ذلك التطوير النوعي في عدة محـاور منها مواكبة التعليم العالي لمتطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل، وإتاحة الفرصة للقطاع الأهلي لإنشاء مؤسسات التعليم العالي ودعمه وتشجيعه بما يضمن تحقيق المستوى العلمي الجيد والربح المادي المعقول.
وقـد ســار «رحـمـه الله» بالتعليم والمعرفة سيرا حثيثا إلى الأمام، وقفزت الوزارة في عهده قفزات مهمة، واضعا أسس التعليم في السعودية. وتابع مسيرة البناء والتعليم من بعده وزراء عدة ساروا على نهجه إلى أن أصبحت وزارة المعارف من أكبر وزارات الدولة والتي يقع على عاتقها مسؤولية تعليم الجيل الجديد من أبناء المملكة، تاركا خلال توليه منصب وزير المعارف من عام 1953م وحتى 1960م، بصمات واضحة كان لها أثر ملموس في مسيرة التعليم في العقود اللاحقة.