دأبت المملكة العربية السعودية – منذ تأسيسها ، على العمل الجاد فيجميع المجالات وعلى مختلف الصعد لناصرة الحق العربي، وذلك في إطار تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وما تفرضه واجبات الإخوة والانتماء الإنساني. وعلى صعيد القضية الفلسطينية. واصلت المملكة ـ وما زالت – جهودها لرفع الظلم والقهر والـعـدوان عن الشعب الفلسطيني الشقيق، ولاستعادة حقوقه المشروعة.
وقد تميز المغـفـور لـه «بإذن الله» الملك فهد بن عبد العزيز بأنه كان معاصراً طيلة حياته لطبيعة التطورات السياسية الدولية بحكم تمرسه الطويل ومعايشته المستمرة للأوضاع الداخلية والخارجية في ظل نشأته في كنف والده المؤسس «طيب الله ثراه». وكان الملك فهد «رحمه الله» طوال فترة حكمه، يحمل على عاتقه هموم القضية الفلسطينية وكان منحازا دائما إلى جانب الحق العربي الفلسطيني مدافعاً عنه ومناصرا له.
فـفـي بـدايـة عـهـده وعـنـد زيـارتـه «رحمه الله» إلى الولايات المتحدة في فبراير ١٩٨٥م، كانت رسالة الملك فهد الرئيسية أن «على الولايات المتحدة مسؤولية استخدام نفوذها القوي وبذل جهود حثيثة لتحقيق سلام بين إسرائيل وجيرانها العرب عن طريق إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.. كما تناول خطابه «رحمه الله» الذي ألقاه في مؤتمر القمة الخامس للدول الإسلامية المنعقد في الكويت عام ١٩٨٧م، القضية الفلسطينية واحتلال إسرائيل للأراضي العربية واستمرارها في سياستها الاستيطانية واعتداءاتها على المقدسات الإسلامية والعربية واستهتارهـا بـكل الـقـيـم والأعراف الدولية .
وامـتـداداً لذلك، جاءت مساهمة المملكة بشكل فعال في المساعي العربية، التي بذلت من أجل إشـراك منظمة التحرير الفلسطينية – باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في المداولات الخاصة بالقضية الفلسطينية أثناء الاجتماعات الدورية للجمعية العامة التي عقدت في عام ١٩٧٤م، كما شاركت المملكة في الجهود التي بذلت من أجل إصدار قرار الجمعية العامة رقم ۳۲۱۰ في ١٩٧٤/١٠/١٤م.
وكانت المملكة من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية بتاريخ١٥/١١/١٩٨٨ م ، وقدم الملك فهد وقتها أرضاً ومبنى لسفارة دولة فلسطين بالرياض، هدية من الشعب السعودي لشعب فلسطين. ولم يغفل المغفور له «بإذن الله» الجـانـب المــادي، حـيـث تجـاوزت المسـاعـدات المـالـيـة الـتـي قـدمتها المملكة ٨،٩ مليار ريال، كان منها مبلغ (۲,۱۹۷,٠٨٤,٦٣١) ريالاً، يمثل المساعدات التي تقرر تقديمها بعد مؤتمر مدريد، ومن أبرزها مبلغ (١،١٢٥،٠٠٠،٠٠٠) ريالاً تمثل تبرعات المملكة المعلنة في المؤتمرات الدولية لدعم السلطة الفلسطينية.
واستمرارا لوقوف المملكة مع الشعب الفلسطيني قدمت المملكة في عهده «رحـمـه الله» خـلال المـؤتمـر الـدولي الذي عقد في واشنطن عام ١٩٩٤م، لحشد التأييد السياسي والمادي للشعب الفلسطيني مبلغ ۳۰۰ مليون دولار أمريكي على مدى ثلاثة أعوام لدعم برنامج البنك الدولي لتلبية المتطلبات العاجلة لتنمية الاقتصاد الفلسطيني.
وخلال مؤتمر القمة العربية التاسع الذي عقد في بغداد، قدمت المملكة مبلغ (۱۰۰۰) مليون دولار لضمان استمرار نضال منظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وباقتراح من المملكة في عهد الملك فهد «رحمه الله» تم إنشاء صندوقين برأس مـال (بـلـيـون دولار أمريكي) أحدهما للقدس بمبلغ (٨٠٠ مليون دولار) والآخر لدعم الانتفاضة بمبلغ (٢٠٠ملیون دولار)، وقد تبرعت المملكة بربع المبلغ المقرر للصندوقين.
وإضـافـة إلـى الـدعـم الحـكـومـي وجه «رحمه الله»، بفتح باب التبرعات الشعبية لكي تساهم في دعمها لنضال الشعب الفلسطيني، وقد بلغت التبرعات النقدية أكثر من (٢٤٠) مليون ريال، إضافة إلى التبرعات العينية مثل السيارات وسيارات الإسعاف والعقارات والمجوهرات ومواد طبية. كما شاركت المملكة في عهد الملك فهد «رحمه الله» كمراقب في مؤتمر مدريد عام ١٩٩١م، حيث لم تأل جهداً في دعـم مسيرة السلام في الشرق الأوسط، باعتبار أن السلام أصبح خياراً إستراتيجياً للعرب بما يكفل عـودة الحقوق العربية والفلسطينية المشروعة.
ظلت مدينة القدس في بؤرة اهتمام الملك فهد طوال حياته «رحمه الله»، قـد أمـر بـتـرمـيـم الـحـرم الـقـدسـي الشريف وملحقاته، وترميم مسجد عمر بن الخطاب ومسجد عبدالملك بن مروان ومسجد قبة الصخرة، وكان «رحمه الله» أول من تبرع بمبلغ مجز لليونسكو خلال مشروع المسح العلمي للمسجد الأقصى وقبة الصخرة.