تحرير الكويت وتحرير اليمن وكأن التاريخ يعيد نفسه، لتسجل صفحاته مزيدا من المواقف البطولية المشرفة لبلاد الحرمين الشريفين، في الدفاع عن الحق ونصرته ودحض الباطل والعدوان، وذلك وفق ما تمليه عليها تعاليم ديننا الحنيف، الذي هو أساس قيام الدولة منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز «طيب الله ثراه».

وعلى مدار ربع قرن من الزمان مرت المملكة بظروف إقليمية عصيبة، فكانت روح القيادة حاضرة، استطاعت من خلالها البلاد، بفضل الله، تجاوز هذه الأزمات، وسيظل أسلوب إدارة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز «رحمه الله»، لأزمة الخليج في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أنموذجا لروح القيادة والشجاعة والحكمة والحنكة السياسية. لكي نرى بعدها تحرير الكويت وتحرير اليمن.

وقبل الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس۱۹۹۰ م، سارع خادم الحرمين الشريفين، ومنذ تلويح الحكومة العراقية بالتهديدات والتلميحات ضد دولة الكويت، إلى احتواء الموقف وتهدئته على أمل أن تحل القضية بالطرق الودية انسجاما مع ثوابت السياسة السعودية ي الحرص على وحدة الصف العربي وتسوية الخلافات بين دوله بالوسائل السلمية. وقاد «الفهد» سلسلة من الاتـصـالات والمشاورات والتحركـت الدبلوماسية لتحقيق ذلك الهدف، وبالفعل أثمر ذلك عن اجتماع جدة الذي عقد بين طرفي النزاع قبيل الغزو.

وبتكليف من خادم الحرمين الشريفين حضر الاجتماع الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الـوزراء ورئيس الحرس الوطني «خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، «رحمه الله». وانحصر الدور السعودي في اجتماع جدة على تهيئة الأجواء بين الجانبين دون مشاركة في المباحثات التي تمت بينهما خلال الاجتماعات الثنائية المغلقة التي اقتصرت على طرفي النزاع.

ولكن قرار الغزو واحتلال القوات العراقية دولة الكويت حسما الأمر عند خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، حينما أعلن «رحمه الله» بكل شجاعة طلب مساعدة القوات الأميركية والعربية والإسلامية، فكانت «عاصفة الصحراء» التي بدأت في السابع عشر من يناير عام ١٩٩١م. ولم يجد الملك فهد وقتها سوى اعتماد ميثاق مجلس التعاون الخليجي في مواجهة ابتلاع دولة خليجية شقيقة، كما لم يجد بدا من الاعتماد على ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي، وسانده في ذلك التأييد من قبل الشعب السعودي نفسة.

وتوالت بعد ذلك مشاعر التأييد التام للترتيبات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين لمجابهة ذلك الموقف العصيب، وتدفق التأييد والتضامن العربي والإسلامي مع الموقف السعودي أنحاء العالم معلنين تأييدهم التام لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في كل ما اتخذه من إجراءات.

كما حظي الموقف السعودي بالتأييد العالمي نتيجة لما قامت وتقوم به قيادة خادم الحرمين الشريفين من جهود خيرة لخدمة السلام العالمي والمجتمع الدولي ولما عرف عنها مـن اتزان في السياسة وحكمة في الممارسة ونبل في المقاصد والأهداف، وتوجت جهود «الفهد» وقيادته للأزمة، بدحض العدوان وتحرير دولة الكويت الشقيقة. رأينا تحرير الكويت وتحرير اليمن بعدها بربع قرن.

وقبل أيام ، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله » ببدء عملية «عاصفة الحزم»، لتبدأ القوات الجوية السعودية بقصف مـواقع الحوثيين في صنعاء. وجاء التوجيه الملكي بعد دقائق من بيان خليجي مشترك جمع السعودية والإمارات والبحرين والكويت، تم من خلالها الإعلان عن استجابة خليجية لطلب الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي، بحماية الشعب اليمني من ميلشيات الحوثي.

وقد شاركت في «عاصفة الحزم» التي قادتها المملكة دول خليجية وعربية وصديقة، وحظيت بتأييد دولي واسع النطاق، كما حظيت بدعم وتأييد الشعب السعودي النبيل، الذي التف حول قيادته، في مشهد يجسد اللحمة الوطنية.

وما أشبه اليوم بالبارحة، فكما نجحت روح قيادة «الفهد» لأزمة الخليج الثانية، نجحت أيضاً قوة حزم «سلمان،» لأزمة اليمن. لنرى تحرير الكويت وتحرير اليمن.