وجه السعوديون طلباً عاجلاً إلى الولايات المتحدة لاتمام صفقة الاواكس في سبتمبر في عام 1980 كان يريدون شراء طائرات اواكس للحصول على الإنذار المبكر بعد تزايد التهديدات الإيرانية. في البداية عرض الأمريكيون تأجير أربع طائرات اواكس، لكن الملك فهد أصر على طلبه طائرات تكون تحت سلطة بلاده.
د. غازي القصيبي وزير العمل السعودي السابق: (الملك فهد كان يرى أنه الاحتفاظ بالمملكة دولة بعيدة عن الخروب بعيدة عن الاضطرابات تعيش في أمان مع الجميع أولوية مطلقة في السياسة الخارجية، يعني السياسة الخارجية تدور في نظره حول حماية المملكة من الأخطار ولكنه يدرك أن حماية المملكة من الأخطار لن تتحقق إذا كانت المنطقة مشتعلة)
الأمير نواف بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة السعودي السابق: (وجد أن من الأفضل أن تكون سعودية وأن تكون مدارة بإدارة سعودية دون أن يكون هناك إدارة أمريكية)
وفي نهاية السنة حدث تغير في البيت الأبيض إذ خسر جيمي كارتر الرئاسة في أزمة المحتجزين في إيران وأصبح رونالد ريغان رئيساً للولايات المتحدة فهل تنهار صفقة الاواكس؟ ففي الوقت الذي دعم فيه كارتر خطة الملك فهد لبناء قوة المملكة الحربية لم يكن موقف الإدارة الجديدة واضح ، وأنتهز ولي العهد أن يذكر الرئيس ريغان بأن الرئيس السابق قد وافق على صفقة الاواكس.
ردت حكومة ريغان مؤكدة بأنها تريد علاقة جيدة مع السعودية وفي الواحد وعشرين من ابريل في عام 1981 أعلن البيت الأبيض عن صفقة الاواكس وخطته في بيع خمس طائرات اواكس إلى السعودية وقد أثار ذلك الأمر جدلاً حاداً.
ريتشارد ميرفي وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق: (رفض اللوبي الموالي لإسرائيل قبول الجدل في أن السعودية تحتاج إلى هذه المعدات وكانوا على قناعة تامة أنها ستشكل خطراً كبيرا على إسرائيل ومن هنا قاوموا ذلك بكل الوسائل)
هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: (المشكلة الكبيرة كانت بالنسبة للكثيرين في الحالية اليهودية وبالنسبة لإسرائيل فمرة أن دولة عربية سيكون لديها ذاك المدى الطويل من القدرة على الاستطلاع ، هذه الفكرة كانت نوعاً ما مقلقة لأن كل الدول العربية لم تعترف بإسرائيل فيما عدا مصر حينئذ ، لذلك كانت هناك الكثير من المعارضة في الكونغرس ، لكني ساندت بيع طائرات الاي واكس رغم أني يهودي معتمد في ذلك على خبرتي كوزير والعلاقات الودية التي تجمعنا مع السعودية على الصعيدين الفردي والوطني ، واعتقدت أن طائرات الاي واكس سوف تستخدم لقضية السلام وليس لتصعيد التوتر)
ريتشارد ميرفي وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق: (بالنسبة لريغان كان لدينا الكثير من الاهتمامات، الأمن والعلاقة مع إسرائيل مهمة بالنسبة لنا لكن أمن العالم العربي وعلاقتنا معه مهمان أيضاً وحالياً مفتاح هذه العلاقة هو بيع هذه الطائرات إلى السعودية، كان مصمماً على ذلك)
كانوا الاسرائيليون يهيئون المعارضة لهذه الصفقة (صفقة الاواكس) وأدرك الملك فهد أنه لابد من حملة علاقات عامة لمواجهة هذه المعارضة.
فيصل الحجيلان السفير السعودي الأسبق في واشنطن: (اللوبي الإسرائيلي دخل معركة قوية وبذل كل جهده في سبيل إفشال هذه الصفقة (صفقة الاواكس) ولكن لم يتمكن وفازت المملكة في النهاية بفضل توجيهات ولي العهد واهتمام الولايات المتحدة الأمريكية في إرضاء القيادة السعودية وكذلك المجهودات الذي بذلها أصدقاء المملكة من رجال الأعمال وأصحاب مصانع الطائرات الخاصة بوينغ)
ريتشارد ميرفي وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق: (كان اللوبي السعودي في الواقع يعتمد على التجارة مع أمريكا التي كان عليها أن تكون على دراية بظروف المملكة والقيادة وأن تقدر تماماً الضغوط التي تتعرض لها هذه القيادة في الدفاع عن بلدها، وقد نفذت عملية البيع بتفاصيل دقيقة عن طريقة تعريف الدائرة الانتخابية في البرلمان والمقاطعات وليس فقط الولايات وأدخل اللوبي الجدل الاقتصادي الذي أخذ شكلاً قصرياً على الكونغرس لصالح عملية البيع)
كان هنالك طبعاً عناصر أخرى تأثر على الامريكيين وخصوصاً اغتيال السادات في السادس من شهر اكتوبر، حاول حلفاء إسرائيل إقناع حكومة ريغان بأن اغتيال السادات يعني علية أن يعتمد على دعم إسرائيل في المنطقة.
ونشبت معركة سياسية بين السعودية وإسرائيل لكسب موافقة الكونغرس على صفقة الاواكس، وصوت الكونغرس لصالح المطلب السعودي بأغلبية طفيفة ووضع خصوم المملكة شروطاً لإعاقة الصفقة إلا أن الملك فهد كان ذكياً بقبولها حيث رأى أن تُأخذ الأمور بشكل تدريجي.
الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز السفير السعودي السابق في واشنطن: (فهد كان عقلة يشتغل غير شكل وعندنا مثل بالعربي يقول ما لا يُدرك كله لا يُترك كله، فبينما كنا كلنا نرفض أي شروط توضع علينا كان الملك الله يسلمه يقول هل هي شروط ما يمكن تصلح أنك تصلحها بعدين ولا يمكن تصليحها؟ إذا كان شيء معين جهاز معين برمجة معينة ممكن عملها بعدين أقبل بالشروط إذا كان شيء ل ايمكن أن تصححه بعدين غير مقبول، فاكتشفنا بالمناورة السياسية وقبولنا ببعض الشروط اللي في وقتها كانت غير مقبولة لأسباب معنوية وهو وافق عليها وبالتأكيد مادام وافق انا مشيت في التعليمات والمسؤولين اللي غيري الكبار، لما أخذنا الاواكس وكسبنا في الكونغرس)
معركة صفقة الاواكس كانت صعبة إلا أنها كانت إنجاز للملك فهد إذ أثبت فيها أن العلاقات الأمريكية السعودية تستطيع مناطحة اللوبي الإسرائيلي.
ريتشارد ميرفي وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق: (أذكر أن الأمير بندر أراني نسخة من صحيفة نيويورك بوست في ذلك الوقت تحمل عنواناً رئيسياً بعد يوم واحد من موافق مجلس الشيوخ على البيع يقول ذلك العنوان “ريغان يقول لإسرائيل لا تتدخلي”)