الخدمة الأخرى التي قدمها الملك فهد بن عبدالعزيز إلى العالم الإسلامي هي مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، لقد أحتاج هذا المجمع الذي يتخصص في نشر القرآن الكريم في كل أنحاء العالم إلى تمويل ضخم من أجل شراء الاجهزة ودفع أجور العلماء والفنيين وأصحاب المؤهلات العالية، استغرقت عملية بناء المجمع سنتين وقام الملك فهد بـ افتتاحه في 6 صفر عام 1405 هجرية ، لقد تطور مجمع طباعة ونشر القرآن الكريم الذي أسسه الملك فهد كهدية إلى العالم الإسلامي فأصبح الان أكبر مجمع في العالم.
عبدالرحمن المطرودي وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الأوقاف السابق: (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة أنشئ لسد حاجة المسلمين في المجتمعات الإسلامية كلها وفي العالم أجمع ،مجموع ما طبع من المصحف الشريف الان وتم توزيعه بلغ أكثر من مائة مليون مصحف والأمر في ازدياد وهناك الكثير من الطلبات التي دائماً تتعامل معها الوزارة وترفع أمرها إلى خادم الحرمين الشريفين ويصدر توجيهاته حفظه الله بشأن تزويد تلك المراكز وتلك المدارس وتلك الجمعيات وتلك المساجد بالأعداد الكافية من المصاحف من أجل توزيعها على من يحتاجها من المسلمين و ترجمات المصحف الشريف موجودة من اللفة الإنجليزية واللغة الفرنسية واللغة البرتغالية وغيرها من اللغات العالمية التي يمكن أن تستفيد منها المجتمعات المسلمة وكذلك غير المسلمين لمعرفة القرآن الكريم والاطلاع على رسالة الإسلام)
الشيخ عبدالوهاب عبد الواسع مستشار في الديوان الملكي سابقاً :(هذا طال عمرك المجمع أنشئ متأخر بالنسبة لمتطلبات المملكة لكن عندما أنشأه، أنشأه في صورة كاملة وتام والكمال لله وحده المجمع متوسط ما يوزع في السنة مئة مليون مصحف ، ولكن جعله صدقة حارية لجميع المسلمين يوزع منه على العالم الإسلامي بدون مقابل و أنا عاصرت إنشاء المجمع هذا بتوجيهه المجمع هذا كال عمرك مدينة تقع على حوالي 150- 160 الف متر و معظم الآلات الحديثة للطباعة و ل التبويب ومراجعة القرآن الكريم لأن أهم شي أن القرآن يصدر بدون تحريف يعني ما فيه أحد يضع شيء من الخطأ بينه فكان عشان يراجع هذا المصحف عملية معقد حداً حتى يخرج تقريباً كاملاً من الخطأ بعيداً عن الخطأ ، ولذلك طلب ما تكون المصاحف السعودية هي الأساس خلاص وبعدين نُشرت في العالم ، والعالم طبعاً بيستقبلها لأنها صادرة من مجمع الملك فهد في المدينة ولأنها من أرض الحرمين ولأنه أيضاً واثقين من صحتها وفي نفس الوقت تقدم لهم كهدايا سواء في المدارس أو في المساجد أو حسب متطلبات المجتمع ، طبعاً أيضاً طاقته ممكن ترتفع عن مئة مليون إذا فيه حاجه بعدين ليس فقط طباعة المصحف كمصحف هناك تفسير هناك أيضاً ترجمة إلى اللغة الروسية وطبعاً اللغة الإنجليزية في البدايات واللغة الفارسية واللغة الصينية ومعظم اللغات التي يتطلبها العالم والترجمة تقتضي علماء متخصصين يستطيعوا لأنه ليس كمعنى حرفي انما كمعنى عام ، واختير أيضاً لمن سجلوا من خيرة قراء المملكة ، والواقع أنه هذه التشكيلات لاقت رواح كبير لأنها صادرة عن مجمع الملك فهد في المدينة ولأنها فعلاً تحقق راحة المسلم عندما يسمعها)
فأمام ازدياد حاجة العالم الإسلامي إلى المصحف الشَّريف، وترجمة معانيه إلى مختلف اللُّغات، والعناية بمختلف علومه، واضطلاعاً من المملكة العربيةَّ السُّعوديَّة بدورها الرَّائد في خدمة الإسلام والمسلمين.
واستشعاراً من خادم الحرمين الشَّريفين الملك فهد بن عبد العزيز بأهميَّة خدمة القرآن الكريم من خلال جهاز متخصِّص ومتفرِّغ لذلك العمل الجليل، وَضعَ حجرَ الأساس لمجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشَّريف بالمدينة المنورة في السَّادس عشر من المحرَّم سنة (١٤۰٣هـ – ١٩٨٢م)، وقال عند إزاحة السِّتار عن اللَّوحة التِّذكاريَّة لوضع حجر الأساس لمشروع المجمَّع:
«بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بركة الله العلي القدير… إننا نرجو أن يكون هذا المشروع خيراً وبركة لخدمة القرآن الكريم أولاً، ولخدمة الإسلام والمسلمين ثانياً، راجياً من الله العلي القدير العون والتَّوفيق في كل أمورنا الدينيَّة والدنيويَّة، وأن يوفِّق هذا المشروع الكبير لخدمة ما أنشئ من أجله، وهو القرآن الكريم، ولينتفع به المسلمون وليتدبَّروا معانيه».
وافتتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المجمَّع في السَّادس من صفر سنة (١٤۰٥ هـ – ١٩٨٤م) قائلاً:
«لقد كنت قبل سنتين في هذا المكان لوضع الحجر الأساسي لهذا المشروع العظيم، وفي هذه المدينة التي كانت أعظم مدينة. فرح أهلها بقدوم رسول الله H وكانوا خير عون له في شدائد الأمور، وانطلقت منها الدَّعوة، دعوة الخير والبركة للعالم أجمع.
وفي هذا اليوم أجد أنَّ ما كان حلماً يتحقَّق على أفضل مستوى؛ ولذلك يجب على كلِّ مواطن في المملكة العربيَّة السعوديَّة أن يشكر الله على هذه النِّعمة الكبرى، وأرجو أن يوفِّقني الله أن أقوم بخدمة ديني ثمَّ وطني وجميع المسلمين، وأرجو من الله التَّوفيق».
وينظر المسلمون إلى المجمَّع على أنَّه من أبرز الصُّور المشرقة والمشرّفة الدَّالة على تمسُّك المملكة العربيَّة السعوديَّة بكتاب الله وسنَّة نبيِّه اعتقاداً ومنهاجاً وقولاً وتطبيقاً.
لقد وفَّقَ الله المملكة العربيَّة السعوديَّة لإقامة هذا المشروع الإسلامي الضَّخم الذي اعتنى بطباعة المصحف الشَّريف، وتوزيعه بمختلف الإصدارات والرِّوايات على المسلمين في شتَّى أرجاء المعمورة، واعتنى بترجمة معاني القرآن الكريم إلى كثير من اللُّغات العالمية.