أثناء العشرين سنة الماضية كان الملك فهد أكثر القادة العرب سعياً لتحقيق المصالحات داعم للتعاون الجماعي بين الدول العربية ومنظمة أوبك، واجهت محاولته تلك الكثير من العقبات كان الراعي لعمليات السلام في الحرب الإيرانية العراقية والحرب الأهلية في لبنان وكذلك ضد الانقسام داخل جبهة التحرير الفلسطينية، كما أنه كان وراء إعادة مصر للعالم العربي.
كانت المهمة الأخرى ضبط التعاون داخل منظمة أوبك فمنذ عام 1981 والمملكة تلعب دوراً المرجح في أوبك حيث تخفض إنتاجها إذا فاض النفط في الأسواق وتزيد عندما يزداد الطلب في الأسواق العالمية، حاولت السعودية كونها المنتج الأكبر إنقاذ الأوبك في كل أزماتها.
تركزت جهود الملك في الثمانينيات على تقوية أنظمة الدفاع في المملكة إلا أنه لم ينس أن علاقاته بجيرانه ضروريةً في الحفاظ على التوازن في المنطقة.
هشام الناظر وزير البترول السعودي السابق: (كان الملك فهد يستهدف أن نتعاون بقدر الإمكان على إحداث نوع من التوازن في السوق بحيث ألا تكون الأسعار مرهقة بالنسبة للمستهلك ولا مضرة بالنسبة للمنتج وفي نفس الوقت أن لا يحدث أي عمل يؤثر على الاقتصاد العالمي ككل)
خلال ذلك الدور واجهت السعودية أزمة بسبب إصرار بعض المنتجين على تجاوز حصصهم من الكميات المحددة في الوقت الذي انخفض فيه سعر النفط.
هشام الناظر وزير البترول السعودي السابق: (في الواقع لم يكن بالإمكان عمل شي لأنه دول المنظمة كلها دول ذات سيادة وتستطيع أن توافق أول لا توافق على أي قرار يطرح، إنما كانت المملكة في الواقع تتحمل نتائج عدم الالتزام وهذا من الأشياء التي جعلت المملكة المنتج المرجح الذي كان يحصل في ذلك الوقت عن دما لا يكون فيه التزام بالحصص بتخفيض الأسعار)
وسبب انهيار الأسعار وانخفاض مداخيل السعودية عجز مالي كبير وعندما تكررت المشكلة في عام 1985 كان على الملك فهد أن يعمل شيئاً ما، وبما أن السعودية قامت تلعب دور المرجح في أوبك فإن إنتاجها قد تنخفض بمعدل 80% وهبطت مداخيلها، وفي صيف 1985 قال الملك كفى فالسعودية لن تقوم بهذا الدور.
ريتشارد ميرفي وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق: (شعر بقلق متزايد في أن السعودية كانت تخدع من قبل أعضاء الأوبك الأخرين الذين تعهدوا بمراعاة حصص معينة أو سقف معين في إنتاجهم لكنهم كان يلجئون إلى الغش في الخفاء ولم يكن سعيداً بهذه التصرفات وأطلق تحذيراً للأعضاء لا تخدعونا من وراء ظهورنا نعلم ما تفعلون ونحن غير سعداء بذلك، أنكم تضرونا أنكم تعتقدون أننا كسعوديين أن نخفض مستوى إنتاجنا لكنكم تتجاوزون مستوى الإنتاج التي اتفقنا عليها)
د. مساعد العيبان عضو مجلس الوزراء السعودي ووزير دولة: (أعتقد من أهم القرارات التي أتخذها خادم الحرمين الشريفين هو القرار الإستراتيجي برفع الطاقة الإنتاجية للمملكة إلى عشرة ملايين برميل في اليوم وهذه شفنا أثرها الإيجابي الكبير بعد سنوات)
زادت المملكة إنتاجها من مليوني برميل في اليوم الواحد إلى خمسة ملايين فأنخفض سعر برميل أوبك إلى عشرة دولارات ومع أن السعودية لم تريد الهبوط لدخلها من النفط إلا أن الرسالة التي أراد الملك فهد إيصالها إلى أوبك هي أن المملكة تستطيع إغراق السوق بالنفط الرخيص طالما أن الأعضاء لا يلتزمون بحصصهم.
هشام الناظر وزير البترول السعودي السابق: (كان يتابع الأسعار يومياً مما اضطرنا في وزارة البترول أن ننشئ وحدة تتابع الأسعار على أربعة وعشرون ساعه لأن كان ممكن الملك يتصل بعد منتصف الليل عن سعر معين في سوق معين، وكام أيضاً يشارك بشكل مباشر في المفاوضات التي تتم في الأوبك أو فيما بين الدول العربية)
وهكذا رضخ معظم أعضاء الأوبك لطلب المملكة العربية السعودية وعادوا إلى نظام الحصص، وفي صيف عام 1986 عادت المملكة إلى إنتاج حصتها الرسمية واقترحت وضع سعر ثابت للبرميل وهو ثمانية عشر دولار، وتبنت أوبك هذه السياسة رسمياً في نفس العام وأستطاع السعودية أنها قادرة على الإمساك بسوق النفط.
ريتشارد ميرفي وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق :( أعتقد أن ذلك أنها الغش لكنه كان تحذير حاد ومتزايد وعلى مدى السنوات أصبحت الأوبك منظمة أكثر تنظيماً وصدقاً بين أعضائها)